تقييم مسار التحول الرقمي في
الجزائر (2020-2023)
أ.د يوسف بن يزة
– جامعة باتنة1 – الجزائر
مقدمة:
يحظى موضوع التحول الرقمي بأهمية بالغة لدى صناع القرار في
أغلب الدول التي تسعى إلى تسوية وضعيتها الرقمية ومواءمتها مع منتجات العصر ونبضه،
ولذلك تجد في هذه الدول حملات ونقاشات مستفيضة حول الموضوع، لعرض النتائج المرحلية
ونقد التجارب والضغط على المعنيين بتنفيذ المشروع من أجل تسريع الوتيرة قدر الإمكان.
في الجزائر يجري
هذا التحول بخطى حذرة وبطيئة، وسط عدم اكتراث من طرف وسائل الإعلام المختلفة وحتى المهتمين
من الأكاديميين والنقاد وأصحاب المصلحة وغيرهم. وفي ظل هذا الوضع يندر أن تحصل على
إحصائيات موثوقة رغم وجود محافظة سامية للرقمنة، كانت في السابق وزارة قائمة
بذاتها، سنحاول في هذه الورقة فحص الترتيبات التي قامت بها السلطات الجزائرية من
أجل تنفيذ مشروع التحول الرقمي، واستجلاء النقائص التي تعترض طريقه ومن ذلك بؤر
المقاومة التي تفرمله في مختلف القطاعات من خلال طرح الإشكالية التالية: إلى أي
حد استطاعت الحكومة الجزائرية تجسيد التحول الرقمي في مختلف القطاعات في ضوء
التحولات التكنولوجية المستجدة؟
أولا: نقد مفهوم التحول الرقمي في السياق الجزائري
لا يوجد مفهوم ثابت للتحول الرقمي بسبب استخداماته
الكثيرة والمتنوعة، فهو مفهوم عام يمكن أن نجده في مختلف مجالات الحياة مثل
التعليم والصحة والتجارة والصناعة وغيرها، ومع ذلك يمكن حصر عناصر التعريف ضمن
نطاق التغيير الملموس في أساليب العمل باستخدام التكنولوجيا الرقمية الحديثة الصناعة، والتجارة، والتعليم والصحة وغيرها .
يعرفه قاموس أكسفورد بانه " تكييف أنظمة أو عمليات
معينة مع التكنولوجيا الرقمية" أو عملية تغيير البيانات إلى صيغة رقمية يمكن التعامل معها بواسطة الكمبيوتر
بكل سهولة. وبطبيعة الحال يمكن تكييف هذا
التعريف بحسب المجال المستخدم فيه.
وبالعودة إلى الإطار
الايتيمولوجي لكلمة " الرقمنة"، فإننا سنجدها تستخدم بطريقتين في اللغة
الإنجليزية، حيث تأتي بمعنى Digitization وتشير
إلى عمليات تحويل الوثائق والصور والمواد السمعية البصرية من صورتها المادية
الملموسة إلى صيغة من الصيغ الرقمية كعمليات المسح الضوئي للوثائق والصور والتسجيل الرقمي للأشرطة
التناظرية وغيرها. كما تأتي أيضا بصيغة Digitalization والتي يقصد بها المعنى الواسع
للرقمنة والذي يشمل عمليات توظيف التكنولوجيا الرقمية في العمليات الإدارية من
خلال منصات متخصصة، دقيقة وفائقة السرعة تتيح للمجتمع عند اكتمال العمل بها التخلص
من الأنماط التقليدية للعمل والانتقال إلى العصر الرقمي1.
من خلال التركيز على مصطلح
التحول الرقمي، يمكننا أن نلاحظ بأنه غير واضح. ففي حين يشير مصطلح
"التحول" إلى حدوث تغيير جوهريً من حالة سابقة إلى حالة جديدة، يظل من
غير الواضح ماذا يقصد بالضبط بالتحول الرقمي. هل يشير إلى استخدام البيانات الضخمة
أم إلى إدخال الوسائط الرقمية في الممارسات التقليدية، أم إلى الانغماس في الأشكال
الاجتماعية الجديدة للتواصل من خلال الخوارزميات والذكاء الاصطناعي؟
يعتقد كلا من Olaf Dörner &
Stefan Rundel أنه لا ينبغي فتح هذا النقاش في سياقات البلدان التي
تقع في دائرة جذب قوية نحو الأساليب التقليدية في الإدارة وفي الشأن العام بصفة
عامة، وإنما يكفي أن ينظر إليه على أنه الانتقال من النمط التماثلي ( الأنالوجيك) الذي يتميز بحضور دائم للورق والملفات إلى النمط الرقمي ( الديجيتال) الذي يتسم بالشبكات،
وسائط الإعلام الجديدة، السحابة وغيرها، وما يصاحب ذلك من تغيرات مرتبطة بالممارسات المختلفة2.
في الحالة الجزائرية يمكن الجزم
بأن التأخر الكبير في رقمنة الموجودات بمعني digitization أجبر الحكومة على مزامنة المعنى الأول للمعنى
الثاني digitalization وهو ما يفسر حضور هذا
الملف في أغلب مجالس الوزراء التي يشرف عليها رئيس الدولة نفسه، وسنورد في معرض
تحليلنا للتجربة الجزائرية آثار ذلك على العملية برمتها وعلى بعض مراحلها,
لقد مر التحول الرقمي بعدة
موجات عبر الزمن كانت في صميم الثورات العلمية المختلفة التي عرفها العالم، إلا أن
أغلب الباحثين اختزلوها في موجتين رئيسيتين بسبب تسارع الاختراعات التكنولوجية. وقد
تميزت الموجة الأولى بالسعي إلى غرس البذور الأولى للرقمنة من خلال اعتماد أجهزة
الحواسيب الشخصية وتطبيقات البرمجيات التي ساهمت كثيرا في تحسين كفاءة ودقة المهام
والعمليات الإدارية المختلفة، واستمرت هذه الموجه مدة طويلة من الزمن إلى أن جاءت الموجة
الثانية التي تميزت بظهور الانترنت أو ما يسمى بالشبكة العنكبوتية العالمية
وتقنيات الويب 2.0 التي مكّنت من التواصل عبر الإنترنت وشيوع أشكال مختلفة من
الاتصال بالصوت والصورة والتجارة الإلكترونية3.
ولابد أننا اليوم بصدد التأصيل
لموجة جديدة للتحول الرقمي فائق التطور، بدأت ملامحها تتضح مع إطلاق النسخ الأولى
من الذكاء الاصطناعي التوليدي مطلع سنة 2023، وما أحدثه ذلك من ضجة ماتزال مستمرة،
ولذلك يمكن القول بأن موجة ثالثة قوامها الذكاء الاصطناعي التوليدي باستخدام لغة
البرمجة GPT تجتاح عالم الرقميات وتحدث ثورة علمية جديدة ينتظر أن تكشف عن كامل
أسرارها في السنوات القليلة القادمة.
في السياق الجزائري لم تعرًف أي
من القوانين أو الوثائق الرسمية التحول الرقمي المراد تجسيده في الواقع واكتفت
بذكر الأسباب والحيثيات الداعية لاعتماده، لكن ذلك لم يخف شعور الحكومة بحجم
التخلف عن ركب العالم الرقمي، ولذلك حملت شعار الرقمنة في أغلب القطاعات وكان
موضوعها حاضرا في أغلب اجتماعات مجلس الوزراء التي أعلنت سنة 2023 سنة للرقمنة
الشاملة4.
الملاحظ أن البيانات الرسمية
لمجلس الوزراء أو القطاعات المختلفة لا تتحدث عادة عن مصطلح التحول الرقمي وإنما
عن الرقمنة، وذلك ربما لإدراك محرريها بأن عملية التحول لا تزال في بداياتها، وليس
أدل على صحة هذا الاستنتاج من تسارع عمليات مد شبكات الألياف البصرية لتوصيل
الأنترنت عالي التدفق إلى الأحياء والمناطق الحضرية في مختلف المدن، بالإضافة إلى بنى تحتية أخرى وهي الخطوة
الأساسية الضرورية الأولى للحديث عن وجود تقدم في مسار الرقمنة الشاملة،
ثانيا: واقع قطاع الانترنت في
الجزائر
حسب
تقرير ديجيتال 2024 الصادر عن موقع datareportal.com بلغ عدد مستخدمي الانترنت في الجزائر في بداية
عام 2024 حوالي 33.49 مليون مستخدم بمعدل انتشار تجاوز 72.9٪.
من بين هؤلاء أكثر من 24.85
مليون مستخدمًا لوسائل التواصل الاجتماعي إلى غاية نهاية شهر جانفي 2024، وهو ما
يعادل 54.1٪ من إجمالي السكان5.
وبحسب تحليلات موقع Kepios المتخصص في توجهات مستعملي الانترنت فإن عدد مستخدمي
الإنترنت في الجزائر زاد بمقدار 1.2 مليون (+ 3.9٪) بين جانفي 2023 وجانفي 2024. ووفقًا
لهذه الأرقام، هناك 12.46 مليون شخص في الجزائر لا يستخدمون الإنترنت في بداية عام
2024، مما يشير إلى أن 27.1٪ من السكان ظلوا غير متصلين بالإنترنت في بداية هذا العام6.
ووفقًا للبيانات التي نشرتها
مؤسسة Ookla العالمية المتخصصة
في قياس سرعة الانترنت، فقد بلغ متوسط سرعة اتصال الإنترنت عبر شبكات الهاتف الخلوي
21.36 ميغابايت في الثانية. في حين لم يتعد متوسط سرعة الاتصال بالإنترنت الثابت12.32 ميغابايت
في الثانية7.
وكشفت بيانات المؤسسة أن متوسط
سرعة اتصال الإنترنت عبر الهاتف المحمول في الجزائر قد زاد بمقدار 7.96 ميغابايت
في الثانية (+ 59.4٪) في الأشهر الاثني عشر التي سبقت بداية عام 2024.
الشكل رقم01: متوسط
التحميل من الانترنت الثابت في بعض الدول الإفريقية
المصدر: موقع Ookela
المتخصص في قياس سرعة الانترنت
من خلال الشكل وبالمقارنة بدول
أخرى في المنطقة، نجد بأن سرعة التحميل من الانترنت الثابت في الجزائر ضعيفة
مقارنة ببعض الدول الإفريقية، كما أن تطورها خلال فترة 2020-2023 لم يكن ذا أهمية
كبيرة مقارنة مع تلك الدول التي بلغت مستويات متوسطة مقارنة بمثيلاتها على المستوى
العالمي.
وإلى غاية مارس 2023، كان في الجزائر
3.4 مليون اتصال سلكي ثابت وفقًا لمعلومات سلطة ضبط البريد والمواصلات
الإلكترونية، وتعتبر شركة الجزائر للاتصالات (AT) التي تملكها الدولة، المزود
الوحيد لخدمات الإنترنت الثابت. ومع وجود 1.5 مليون اتصال 4 GLTE إضافي، تعد الجزائر واحدة من
أكبر أسواق الإنترنت الثابتة في إفريقيا8.
لقد ركزت اتصالات الجزائر على استبدال
خطوط النحاس بالألياف البصرية في المدن الكبيرة مع الحفاظ على خدمات الـ ADSL. كما
استخدمت تقنية الاتصال الثابت اللاسلكي 4GLTE لتوفير خدمات الانترنت في المناطق التي لا تتوفر
فيها البنية التحتية السلكية أو تكلف نشرها بشكل باهظ. ورغم تأخرها في هذا المجال، قامت بتوسيع
خدمات FTTH/B بشكل سريع منذ إطلاقها في عام 2018. كما زادت السرعات القصوى على الألياف
من 100 ميغابايت في الثانية إلى 300 ميغابايت في الثانية للمستهلكين في عام 2023.
وقدمت الشركة عروضًا دورية، مثل تضاعف سرعة
الإنترنت مجانًا للعملاء الجدد. كما قامت بتخفيض أسعار الخدمة كل عام منذ عام
2020، حيث بلغت تكلفة خط ألياف بسرعة 100 ميغابايت في الثانية 22 دولارًا في الشهر
في عام 2023. ساهمت هذه الإجراءات في زيادة عدد المشتركين في الألياف بمقدار
تقريبي 14 مرة بين عام 2020 ونوفمبر 2023، ووصلت إلى مليون مشترك، مما جعل الجزائر
واحدة من أكبر أسواق FTTH/B في
إفريقيا9.
الشكل التالي يبين منحى تطور عدد المشتركين في
خدمة الانترنت فائق السرعة عبر الألياف البصرية والذي تضاعف بسرعة كبيرة بين سنتي
2019 و2023، لكنه لا يلبي الطلب الكبير على هذه الخدمة
هذه الإحصائيات تبين ولع الشعب الجزائري بالأنترنت وانخراط
جزء كبير منه في مختلف الخدمات التي تقدمها، لكن المؤشرات الكمية لا تعطي الحقيقة كاملة،
فنوعية الشبكة ونوعية الخدمات التي تقدمها لا يتعدى تلك المستويات القاعدية التي تتوقف
عند التصفح والاطلاع والبحث عن الترفيه وفقط، بعيدا عن الخدمات الحقيقية التي تجعل
من المشترك مساهما في تغذية المحتوى بما ينعكس على نوعية حياته.
وتشير البيانات من GSMA Intelligence إلى وجود 48.53 مليون شريحة هاتف نشطة في الجزائر في بداية عام 2023. ما يعني أن
عدد شرائح الهاتف التي يمتلكها الجزائريون أكثر من عدد السكان، وهذا أمر طبيعي بالنظر
إلى أن كثيرين يمتلكون أكثر من شريحة تشجعهم في ذلك السياسات الترويجية لمختلف المتعاملين.
وبالعودة إلى سرعة صبيب الانترنت في نوعيه الثابت والجوال
سنجد بأنه يحتل مراتب متأخرة في العالم وفي المحيط الإقليمي رغم الاستثمارات الكبيرة
التي تمت في هذا القطاع، أما عن الأسباب فهي مختلفة ومتعددة، لكن يغلب عليها الطابع
الإرادي، بغية التحكم في الانترنت وتوجيهها، بل والحذر منها على ضوء تجارب دول أخرى.
ذلك أن استخداماتها في الجزائر لحد الآن تركزت فقط على الترفيه والاتصال وبعض الخدمات،
ولم تعد الانترنت بعد موردا حيويا للحياة الاقتصادية وميدانا للحوكمة الالكترونية للشركات والمرافق
العمومية، لذلك تأخرت الحكومة في تطوير البنية التحتية للانترنت ورفع الصبيب مقابل
تقليص الأعباء على المواطنين وتحديث الشبكات.
وبالعودة إلى إحصائيات سنة 2024 نجد أن حوالي 28 بالمئة
من السكان لا يستخدمون الانترنت نهائيا، أغلبهم من الأطفال الصغار جدا وكبار السن
الذين لا يمكنهم استخدامها لأسباب موضوعية تتعلق بالأمية الرقمية التي لا يتحملون
مسؤوليتها. البقية يواجهون صعوبات كثيرة في الحصول على الانترنت غير المستقر، من
جهة ومع شبكة التغطية الضعيفة في أغلب الأحيان من جهة ثانية، فإذا كانت الإحصائيات
نفسها تقول بأن معدل صبيب الانترنت الثابت في الجزائر يقدر ب 12ميغا / الثانية في
المتوسط10، فإن ما يصل المستهلك أقل بكثير من ذلك بسبب سياسات الفلترة والتسقيف وعدم كفاءة
الكوابل النحاسية الناقلة لها، بل إن سرعة التصفح والتحميل لا تتعدى الميغا
الواحدة إلا نادرا، والأمر ينسحب أيضا على سرعة الربط بالإنترنت الجوال، التي لا
تتعدى في المتوسط 22ميغا في الثانية، في حين مازالت نسبة التغطية بالألياف البصرية
ضعيفة جدا خاصة في المدن الصغيرة.
وحسب إحصائيات موقع قياس سرعة الانترنت Ookela .com فإن الجزائر تحتل المرتبة الـ 115 عالميا من حيث سرعة
الانترنت الجوال بمعدل تحميل لا يتعدى 21 ميغا في الثانية، ومعدل رفع لا يتعدى 12 ميغا
في الثانية، مع تسجيل زمن تأخير في وصول المعلومة يقدر بـ 29 ثانية وهو زمن معتبر
إلى حد ما.
أما فيما يخص الانترنت الثابت فتحتل الجزائر المرتبة الـ
158 عالميا بسرعة تحميل لا تتعدى 12.28 ميغابايت وسرعة رفع ضئيلة جدا لا تصل إلى 1
ميغا في الثانية في المتوسط. ومعدل تأخير كبير نسبيا يقدر في المتوسط بـ 24 ثانية11.
هذا هو واقع الانترنت في الجزائر خلال سنة 2023 وبدايات
سنة 2024، بغض النظر عن الانقطاعات وحالة التشبع ليلا وفي المناسبات، في وقت شقت
الكثير من الدول طريقها إلى الأنترنت فائق السرعة والجيل الخامس للأنترنت الجوال
بمعدلات تفوق الـ 500 ميغا بايت/الثانية، ما
يجعل المستهلكين يتساءلون عن جدوى رقمنة الخدمات والحياة العامة بهذه الانترنت البطيئة
جدا، في وقت يتصاعد الحديث عن الرقمنة في كل مكان ويسكت الجميع عن طبيعة وقوة
الانترنت التي لا رقمنة بدونها، خاصة في بعض القطاعات كالتعليم العالي الذي يعاني
منتسبوه بسبب ضعف الانترنت غير المتوفر في أغلب الأحيان، ففي حين تطلق أغلب جامعات
العالم خدمة الواي فاي في المكتبات والساحات والإقامات الجامعية بالمجان، يلجأ الطلبة
في الجامعات الجزائرية إلى استخدام خيار (الزيرو)12 لتصفح شبكات
التواصل الاجتماعي والبقاء على
اتصال بالعالم، ثم يطلب منهم الانخراط في مختلف المنصات، بل والمشاركة في التعليم
عن بعد، أين يتم بث المحاضرات عبر تقنية الفيزيوكونفرنس التي تتطلب أنترنت قوية
جدا، لا تتوفر حتى في الجامعات التي يفتقر بعض هياكلها لخدمة الانترنت نهائيا، ما
يضطر الأساتذة والطلبة إلى استخدام هواتفهم للدخول إلى منظومة التعليم عن بعد من
أجل إرضاء الوزارة التي كان عليها أن تحسن من البنية التحتية للانترنت قبل أي
تفكير في تعميم الرقمنة .
ورغم ارتفاع سعة الشبكة الدولية للاتصالات للجزائر من
1.5 تيرابايت في الثانية سنة 2020 إلى 9.8 تيرابايت في الثانية13 في أوائل
سنة 2024، فإن الطلب المستقبلي سيعرف تضاعفا مع تزايد مساعي رقمنة الإدارة
العمومية وتأقلم المجتمع مع الخدمات الرقمية، ما يحتم على الحكومة مباشرة إجراءات
الاستفادة من الانترنت الفضائي الذي يقدمه مشروع أقمار ستارلينك التابع لرجل
الأعمال الأمريكي إيلون ماسك، حيث تمثل حاليا البديل الأفضل لأنترنت الألياف
البصرية المكلف والمعرض لمختلف الأخطار والكوارث.
ثالثا: فوائد مخفية للرقمنة
أثارت نتائج المسابقة الخاصة بترتيب طالبي العمل في قطاع
التربية عبر منصة التعاقد موجة هائلة من التعليقات والسخرية وحتى التنمر، على ضوء
المفارقات العجيبة التي كشفت عنها عملية رقمنة معالجة الملفات، وبالرغم من الفوائد
العظيمة لهذه العملية التي سمحت لأول مرة لملفات المنسيين في دهاليز مكاتب التوظيف
بالظهور في قائمة المرشحين لشغل بعض المناصب، إلا أنها في مجملها كشفت عن بعض التناقضات
التي يعج بها المجتمع، كأن يتم ترشيح امرأة للتدريس في قطاع التربية وقد تجاوزت سن
التقاعد بسنوات، أو ترشيح شخص آخر على حافة سن التقاعد، قد ينال المنصب رفقة
أحفاده من المتخرجين حديثا.
مثل هذه الحالات ما كان للناس أن يطلعوا عليها لولا أداة
الرقمنة التي أصبحت مصدرا مفتوحا للوصول إلى كل الناس، ما يجعلها أداة حقيقية لفرز
الواقع المجتمعي وتصنيفه وترتيبه وبالتالي قراءته قراءة صحيحة، ثم توظيف ما تجود
به من مؤشرات كمية وإحصائيات لمعرفة ذلك الواقع على حقيقته، والتصرف إزاءه بطريقة
صحيحة أيضا، ذلك أن التكنولوجيا ليست مجرد وسيلة لتسهيل عمل الإنسان وتسريعه، بل هي
خزان للمعلومات والمعطيات والقيم التي يمكن تحليلها لمعرفة الاتجاهات الكبرى
للمجتمع ومتابعة التطور الحاصل فيه، وبالتالي توقع مشكلاته وتقديم حلول استباقية
لها.
إن هذه الوظيفة المخفية للرقمنة قد لا يتم الانتباه لها
أو تفعيلها، وقد تم غلق المنصات التي فتحت للعملية وانتهى الأمر، وبذلك تم ردم كنز
ثمين من المعلومات التي شارك مئات الآلاف من الأشخاص في جمعها ضمن منظومة المنصة،
ذلك أن الوزارة التي تشرف على العملية ليس من مهامها تحليل تلك المعطيات ولا من
مهامها مراقبة أو تسيير قطاع التشغيل في الجزائر، بل هي مهمة هيئات أخرى، كالأمانة
العامة للحكومة ووزارة التشغيل ومخابر البحث في الجامعات أو حتى القطاعات الأمنية
المختلفة.
القطاع الخاص خارج الاهتمام رغم أهميته
يعتبر القطاع الخاص محرك العجلة الاقتصادية للدول، وبه
تستطيع خلق الثروة والقضاء على البطالة، وتوطين الاستثمار، وهو الحامل للواء
الإبداع والابتكار، ولذلك يحظى بأهمية بالغة وبالأولوية في كل المشاريع ذات
العلاقة بالتطور التكنولوجي، بل هو مصدر هذا التطور، وليس أدل على ذلك من العلامات
التجارية العملاقة التي تتقاسم نبض الحياة مع الملايير من الناس عبر العالم في
الوقت الراهن كسامسونغ والفيسبوك وغوغل وآبل وغيرها.
يسير التحول الرقمي الناجح جنبًا إلى جنب مع إعادة هندسة العمليات التجارية
وتحسينها بأنسب الطرق لاستراتيجية الرقمنة. ولا يمكن أن يكون التحول الرقمي
للأعمال ناجحًا إلا إذا كانت هناك استراتيجية وقيادة رشيدة تلزم بإجراء تغييرات
تحويلية لتنفيذ التحول الرقمي المرتبط بالاستراتيجية المعتمدة في ظل وجود قيادة
وثقافة تنظيمية واضحة. فقد أظهرت أبحاث ممارسة الأعمال أن الشركات التي لديها
أعمال رقمية ناجحة لديها استراتيجية واضحة، والتزام لدى الإدارة العليا مع فكرة التغيير،
ومشاركة الموظفين في العملية، والتركيز على تطور احتياجات العملاء واهتماماتهم14.
في الجزائر ماتزال التقاليد الاشتراكية التي حكمت البلد
لعقود تسيطر على تفكير صناع القرار، وتهمش القطاع الخاص في كل المبادرات والمشاريع
ذات الأولوية، بل وتعتبره خارج عن الدولة، ولذلك لا يوجد اهتمام كاف برقمنة آليات
التفاعل معه، ورغم أن القطاع الخاص والقطاع العام متساويان في كل الحقوق والواجبات
كما نص على ذلك الدستور، إلا أن هناك نوع من الاستعلاء والاستعداء للقطاع الخاص من
طرف ممثلي الدولة في مختلف المستويات، ويتجلى ذلك في غياب أي استراتيجية أو مسعى
وطني لرقمنة القطاع الخاص وإدخاله ضمن الرؤية الوطنية الجديدة للخدمة العمومية.
في المقابل تتعامل الوصايات المختلفة بكثير من الحساسية
مع كل المشاريع والاقتراحات التي يقدمها الخواص لاستيراد التكنولوجيا وتوطينها، من
منطلق ضعف الثقة أو انعدامها في هؤلاء المتعاملين، وهذا ما يؤثر على إرادتها في
تحيين قدراتها ومجاراة ما يحدث في العالم من تطور رهيب للتقنية وأساليب التسيير.
إن إهمال القطاع الخاص والتقليل من شأنه سيعيق مساعي
تطوير ورقمنة الدولة، لأن هذا القطاع يغطى أكثر من نصف المجتمع من حيث القوى
العاملة، وهو المغذي للوعاء الضريبي بالثروة، وبالتالي وجب إدراجه بقوة ضمن أي
استراتيجية وطنية للانتقال الرقمي، واعتباره شريكا حقيقيا كامل الحقوق والواجبات
ثم الاعتماد عليه في تسريع وتيرة هذا التحول بدء بمسعى رقمنة المعاملات المختلفة
وصولا إلى المشاركة في صنع القرارات في كل المستويات.
صناعة الزخم الرقمي، الثقافة الغائبة عن الفاعلين في
مجال الرقمنة
في المجال الرقمي والتكنولوجي بصفة عامة تعتبر البذور
الأولى لأي مبادرة أول خطوة لتبيئة الفكرة التكنولوجية والإشهار والتسويق لها بكل
الطرق المتاحة، فعندما نتابع الدوريات والمواقع المتخصصة في أخبار التكنولوجيا
والرقمنة والذكاء الاصطناعي سنجد أن بؤر التركيز تنتشر في أماكن محدودة في العالم،
وهي أمريكا مهد التكنولوجيا الحديثة والصين حاملة لواء نشر ونسخ التكنولوجيات
وتوزيعها، وبعض دول أروبا وبقع ضوء متحفزة ترصدها المستشعرات والبوتات الرقمية في
عمليات البحث على غرار بعض دول الخليج العربي وخاصة الإمارات.
في الجزائر هناك تساؤلات تطرح عن ما يمنع من استضافة مثل
هذه الفعاليات التي لا تكلف شيئا بالنظر إلى فوائدها الكثيرة، خاصة وأن الجزائر تصرف
أموالا كثيرة على الفولكلور، وعلى أنشطة عامة غير ذات جدوى، ومن بين تلك التساؤلات
الملحة سبب غياب شركات تركيب الأجهزة الإلكترونية وما أكثرها في بلادنا عن المشهد وعدم
تنظيمها لهذه المناسبات والسعي للتسويق لصورتها وصورة الجزائر عبر مختلف الوسائط،
ولو من باب الدعاية للبلد وتوسيمه خارجيا كما تفعل قطر والإمارات وغيرها.
إن تغييب موضوع الرقمنة والذكاء الاصطناعي من المشهد
الثقافي والإعلامي تكريس للنمطية والبدائية في أساليب التسيير وإهدار للطاقات
المحلية، وعجز عن استقطاب الخارجية منها، وبالتالي البقاء في الحلقة المفرغة
للتخلف.
البنوك التقليدية غارقة في التخلف ولا حديث عن البنوك
الإلكترونية
لم تتضح بعد خطة الحكومة الجزائرية لإصلاح القطاع
المصرفي ورقمنته، وما إذا كان هذا الإصلاح يختلف عن الإصلاحات الوهمية التي بشرت
بها الحكومات السابقة دون أن يلمسها المواطن في حياته اليومية، حيث ظل التعامل مع
البنك في الجزائر مقصورا على فئات معينة من كبار الموظفين أو المستثمرين، وحتى بعض
المودعين، في حين يبقى السواد الأعظم من الناس لا يمتلكون حسابات في البنوك ولا
يدخلونها بل ويتحاشون حتى المرور أمامها بسبب الهيبة التي تمتلكها بناياتها الضخمة،
الفخمة والإجراءات الأمنية المحيطة بها.
يحدث هذا في وقت عرفت فيه البنوك على مستوى العالم طفرات
متتالية وسريعة في مجال تقديم الخدمات للمواطنين انطلاقا من هواتفهم وبدون حمل أي
قيم مالية، حيث ظهرت بنوك في شكل نظم دفع إلكترونية تُمكن العملاء من إجراء
المعاملات المالية المختلفة من خلال موقع إلكتروني للبنك نفسه أو موقع وسيط، وذلك عن
طريق إنشاء حساب خاص بالعميل عبر الإنترنت، أو عبر بنوك افتراضية تُنشئ لها مواقع
إلكترونية لتقديم نفس خدمات البنك التقليدي، ولكن بمرونة كبيرة، وبخطوات بسيطة عبر
تطبيقات تحمل على الهاتف لتحويل أموال كبيرة بين الحسابات أو تنفيذ عمليات شراء
عبر الانترنت، وتقدم هذه البنوك بطاقات ائتمان عالمية سواء قبلية أو بعدية الدفع،
كما تعطي قروضا لزبائنها.
وقد ظهر العشرات
من البنوك الإلكترونية في العالم أشهرها على الإطلاق بنك PayPal الذي يتميز
بالأمان والسرعة في إجراء المعاملات المالية ويمنح خيارات متعددة للدفع، وهو أول
بنك إلكتروني ظهر منذ 26 سنة ويحصي الآن أكثر من 426 مليون زبون، برقم
أعمال تجاوز 1.5 تريليون دولار، وظلت PayPal في طليعة
ثورة التجارة الرقمية منذ تأسيسها في سنة 1998، حيث نمت لتصبح شبكة تربط الأشخاص
والشركات في أكثر من 200 سوق حول العالم15. كما يعد Skrill من أفضل
بنوك الدفع الإلكتروني لشراء البضائع والخدمات عبر الإنترنت. ويعتبر Western Union من أشهر شركات
تحويل الأموال في العالم، حيث يُمكن للأشخاص إرسال واستقبال الأموال عبر فروعها
المنتشرة في جميع أنحاء العالم.
أغلب هذه البنوك غير معتمدة في الجزائر، ولا يمكن
للجزائريين التعامل معها، إلا عبر طرف ثالث، لأن السلطات تتعامل بحساسية كبيرة مع
كل الأجهزة والهياكل التي تتعامل بالعملة الصعبة، مع ذلك استطاع الجمهور اختراق كل
الترتيبات التي وضعتها هذه السلطات وأصبح يتعامل مع بنوك أجنبية افتراضية ومع مرور
الوقت أصبح يتداول مبالغ هامة خاصة عبر بنكي وايزWise وبايسيرا
Paysera وغيرها من البنوك
الافتراضية.
ثقافة المقاومة في كل مكان
بعد تحسن صبيب الأنترنت وتقدم أشغال توسيع شبكة الالياف
البصرية رغم بطئها، ماتزال ثقافة مقاومة التغيير تفعل فعلتها في كثير من القطاعات،
وتنبثق عنها حملات للتشكيك في جدوى رقمنة المرفق العام، ومحاولات لإفشاله. هذا
المسعى يقوده البيروقراطيون التقليديون الذين نسجوا شبكات عنكبوتية في الإدارات
العمومية وأحاطوا أنفسهم بلفائف كاملة من الأوراق، والملفات العلنية والسرية.
في المقابل يتقدم مؤيدو هذا المسعى بخطوات ثابتة نحو
المستقبل مسلحين بالدعم المبدئي للسلطات العليا، لكنهم لا يمتلكون ما يكفي من
الثقة في أنفسهم وفي آليات وأدوات الرقمنة لتسريع العملية، ولذلك تراهم يبذلون
مجهودات مضاعفة جزء منها على مستوى الرقمنة والجزء الآخر على مستوى الورقنة وحفظ
نسخ من الملفات ورقيا احتياطا وخوفا من المجهول.
إن هذا الاحتياط والخوف له ما يبرره، ولعل العون الإداري
الذي نزلت عليه الرقمنة من السماء على حين غرة، لا يمكنه أن يؤمن بها من اللحظة
الأولى لأنه ببساطة يجهلها، ولذلك كان خطأ الوصاية أنها لم تهيئ الكوادر البشرية
المكلفة بتنفيذ برامج الرقمنة وحتى أولئك المستفيدين منها لأي تحضير نفسي أو تكوين
أو رسكلة.
إذن من الطبيعي
أن يتعاملوا معها بريبة وأن يحتاطوا قدر الإمكان لحماية المعلومات والوثائق التي
بحوزتهم، دليلهم في ذلك بعض الأخطاء التقنية العارضة، وهشاشة منظومة الأمن
المعلوماتي في البلاد، التي تشتغل تقريبا ببرمجيات مهكرة وغير أصلية في كل شيء،
كما أن الجزائر لا تنتج أي منها ولا تمتلك فروعا للشركات التي تنتجها ولا دعما
تقنيا لها، ولذلك هناك دائما ما يبرر هذه المخاوف ويعزز اللاثقة في التكنولوجيا
بصفة عامة، فتجد مؤسسات كثيرة تطلب منك استخدام منصاتها الالكترونية في التعامل
معها، ثم لا تنفك أن تطلب ملفا ورقيا بنفس الإصرار. تلك هي أعراض غياب الضمان
والائتمان في خدمات الرقمنة التي يتمنى المواطن أن تكون ظرفية وأن تتوفر أسباب
التحول الرقمي الكامل في بالبلاد استعدادا للتحديات القادمة.
بين الرقمنة والدمقرطة
بعد سنتين من الشروع في العملية، بدأت مساعي الرقمنة تعطي
بعض النتائج الإيجابية في دمقرطة العمليات الإدارية وإضفاء الشفافية عليها، على غرار
ما ظهر في منصة التحويلات والدخول الولائي في قطاع التربية، أين تم إظهار كل المناصب
الموجودة لأول مرة، وكانت من قبل توضع في الدرج وتخصص لأصحاب الوساطات والنفوذ، لكن
الرقمنة أظهرتها هذه المرة لكل الناس وأتاحتها في بورصة التداول حسب مبدأ الاستحقاق،
والأمر نفسه ينطبق على منصة التعاقد التي أعادت الأمل على مصراعيه لفئات واسعة من طالبي
العمل في القطاع الذين بقوا على الهامش يتفرجون على مافيا المناصب التي كانت توزعها يمنة ويسرة للأصحاب وذوي القربي، ورغم التأخر والمشاكل
التقنية، بقي الأمل يراود الجميع في الظفر بعقد عمل بفضل الرقمنة، والأمر ذاته ينسحب
على منصات التعليم العالي التي لم تغط بعد جميع الجوانب.
لقد اكتشف الجزائريون من خلال هذه المنصات أن جزءا كبيرا
من المشاكل التي كانت تنغص حياتهم كانت بسبب التخلف التكنولوجي، وإصرار عرابي البيروقراطية
على بقاء الأمور على حالها لأن المنظومة المتعفنة كانت تخدم نواياهم الفاسدة، ونراهم
اليوم يقاومون مساعي الرقمنة والدمقرطة بكل ما أوتوا من قوة، يقللون من أهميتها تارة
ويؤلبون الجمهور عليها تارة أخرى بطرق غبية متحدين السنن الكونية وسنة التطور.. بيد
أن الحلقة المفرغة في هذا المشروع الضخم هي إسناد الرقمنة إلى أشخاص يعادونها وبالتالي
إعطاءهم الضوء الأخضر لإفشالها، وقد يكون هذا هو السر في تأخرها
منذ سنوات، والمنطق يقول بأن عدو الشيء من يجهله، ولذلك كان على كل الإدارات إنشاء
مصالح مخصصة للرقمنة يتولاها متخصصون من الجيل الجديد وإمدادهم بالصلاحيات لتنفيذ وحماية
المشروع.
حضور العشوائية وغياب الرؤية والتخطيط
أثبتت التجارب بأن غياب الرؤية والتخطيط على الأقل في المديين
المتوسط والبعيد في أي مشروع سيجعل منه مجرد سحابة عابرة قد لا تجود بقطرة.. وفي الجزائر
بالذات أين تتفشى العشوائية والارتجالية والشعاراتية المناسباتية والحملات التي لاتختلف
عن الحملات الانتخابية في مضمونها المليئ بالكذب والوعود الزائفة، يجب التذكير بهذا
الأمر في كل مرة، لأن صناع القرار في البلد لا يؤمنون بشيء اسمه الرؤية Vision التي نقلت أمما من التخلف إلى التقدم باعتماد برنامج عمل وأهداف واضحة ورزنامة
حقيقة لتنفيذها في آفاق سنوات معينة.. في الجزائر يؤمن المقررون بمنطق كن فيكون.. فتتحول
المشاريع إلى ما يشبه إدارة أزمات وهروب إلى الأمام واستحقاق آجال وهمية من أجل استخلاص
الفواتير وينتهي الأمر هنا.
غياب الرؤية السياسية والاقتصادية أفشل كثيرا من الأفكار
والمشاريع الرائدة، فتم استهلاكها بل وقتلها في المهد قبل حتى انطلاقها أو في مراحلها
الأولى، والخوف الآن أن يكون مصير مشروع الرقمنة التي تحظى نظريا بدعم من أعلى السلطات
كمصير مشاريع وأفكار أخرى أصبحت من الماضي بعد استهلاك أغلفة مالية كبيرة ووقت وجهد
لا أثر لنتائجه في الواقع.. بل هناك مشاريع يتم إحياؤها من موتها في مناسبات معينة
ووفق حملات معينة، ولكن بدون جدوى اقتصادية واجتماعية حقيقية.
وبالعودة إلى تفاصيل مشروع الرقمنة في الجزائر الذي أنشأت
من أجله وزارة كاملة تحولت فيما ما بعد إلى محافظة سامية للرقمنة، لا تسمع لها صوتا
ولا ترى لها صورة ولا رؤية ولا مشروعا، إذ يكفي أن تزور موقعها على الانترنت https://mns.gov.dz لتتأكد بأنها خارج الزمن ويعود تاريخ آخر نشاطاتها
تحت بند (مستجدات) إلى أكثر من عام قبل الآن، وعندما نتصفح محتويات الموقع نكتشف بأنه
يفتقر إلى نسخة بلغة أخرى غير العربية، ثم تتأكد من حالة البؤس الرقمي التي يتخبط فيها
البلد عندما تضغط على رابط النسخة الإنجليزية وهي لغة الرقمنة والعلم، ليقودك إلى رابط
اللغة العربية وهي اللغة الوحيدة للموقع، ولن
تجد في الموقع شيئا يذكر عن رؤية الهيئة للرقمنة ولا إنجازاتها وأهدافها عدا بعض نشاطات
الوزيرة وصورها.. ثم تتأكد بأن حال الرقمنة
في البلاد هو من حال موقع الوزارة المشرفة عليها عندما تكتشف بأن تسمية الوزارة تحمل
ايضا قطاع الإحصائيات، ولن تجد أي إحصائية في الموقع حول أي موضوع كان، وخاصة وأن الوزيرة
هي رئيس المجلس الوطني للإحصاء.. تبعا لذلك تتبادر إلى الذهن أسئلة وجيهة.. مالغرض
من وجود هذه الوزارة وما هو أثرها في رقمنة بعض القطاعات وما هي مسؤوليتها في ذلك وماهي
البنى التحتية التي تشرف عليها، ولماذا كل هذا البؤس في موقعها على الانترنت التي هي
في الواقع الواجهة الأولى لأي رقمنة؟
الأمن الرقمي ليس شأن الهواة
أعاد الاختراق الأمني الخطير الذي مس جامعة فرحات عباس بسطيف
بتاريخ 20 جويلية 2023 من خلال الاستيلاء على جميع صفحاتها على شبكة فايسبوك، ماعدا
صفحة الأنشطة الثقافية والرياضية التي تركها المخترق كشاهد.
الاختراق الذي أقدم عليه فتى مراهق يعيش خارج الجزائر تحول
إلى مسخرة تابعها أكثر من 51 ألف مشترك ومتابع في صفحة الجامعة الرئيسية، بمنشورات
تهكمية وعبث متواصل ليلا ونهارا تفاعل معه المشتركون وهم في الأغلب طلبة الجامعة نفسها،
الذين وجدوا الفسحة لتصفية حسابات مع جامعتهم في موقف مخز خاصة وأن أغلبهم بهويات مستعارة.
هذه الحادثة تعيد للأذهان حوادث اختراق أخرى حصلت لمؤسسات
أخرى على غرار الصفحة الرسمية للسجل الوطني التجاري وحوادث أخرى مماثلة حدثت سابقا،
وتعيد أيضا لساحة النقاش مسألة الأمن الإلكتروني للواجهات الافتراضية للمؤسسات الجزائرية،
هذا الأمن لا يحظى بالعناية اللازمة سواء في المؤسسات الرسمية أو غير الرسمية، بل يشرف عليه هواة لا علم لهم بالكمبيوتر،
بعيدا عن أي إشراف من طرف مختصين في الأمن السيبراني، وفي العادة يشرف على هذه الصفحات
إداريون لا علاقة لهم بالإعلام الآلي أو بالعلاقات العامة أو الإعلام والاتصال رغم
انتمائهم إلى خلايا اتصال تابعة للمؤسسات المعنية !
مشكلة هذه الصفحات أنها تدار بأدمين (مشرف) واحد في الأغلب
يتولى إنشاءها والنشر فيها وتكون عادة ملحقة بحسابه الشخصي ويتعامل معها كما يتعامل
مع حسابه الشخصي، فإذا فقد هاتفه مثلا أو تم اختراق حسابه سيتم اختراق تلك الصفحات بسهوله، كما أنها لا تخضع للإجراءات الأمنية التي يفرضها
فايسبوك كالمصادقة الثنائية عند الدخول، ولا يكلف المعنيون أنفسهم توثيق الصفحة بالعلامة
الزرقاء من أجل حقوق الملكية، وهو الأمر الذي يؤخر وقد يحول دون استرجاعها.
المشكلة الأخرى أن الوزارة التي حثت الجامعات على فتح هذه
الصفحات لم تنبهها لضرورة تفعيل كل الاحتياطات الأمنية أو ضبط مدونة إجراءات إدارتها
والنشر فيها، فسادت العشوائية واللامبالاة وأصبحت سمعة مؤسسات عريقة على المحك في عصر
لا يرحم من يجهل كيف يبحر فيه.
بوابات البيروقراطية الرقمية
بدأ العصر الذهبي للكمبيوتر باختراع شركة ميكروسوفت لبرمجية
ويندوز التي تعني " نوافذ"، ورغم أن هذه البرمجية التي تطغى على استخدامات
الحاسوب الموجهة لعامة الناس والتي تحصي لحد الآن إحدى عشرة إصدارا، مازالت رائجة وتعتمد
على نفس المبدأ تقنيا، فإن الثورة التي حدثت في مجال تسيير الشأن العام باستخدام الحاسوب
تعتمد على بوابة واحدة تسمى "الحكومة الإلكترونية" وليس على بوابات ونوافذ
متفرقة، بمعنى تجميعها وضغطها في موقع واحد وببروتوكول سهل يمكن من الوصول إلى الخدمات
التي توفرها بسهولة، وباستخدام رقم تعريف واحد ورقم سري واحد أيضا. تلك هي أساسات الولوج
إلى الحكومة الإلكترونية التي يمكن تجميع جميع أجزائها في بوابة عملاقة توفر كل الخدمات
لمختلف القطاعات، يمكن حمايتها ومراقبتها بسهولة، ومن شأنها تسهيل الوصول إلى الخدمة
بوقت أسرع وبجهد ومال أقل.
في الجزائر هناك كلام كثير عن الإدارة الإلكترونية، وفي بعض
القطاعات يتغنى المسؤولون بمجرد توصيل شبكة الانترنت إلى مكاتب مختلف المصالح، بالرقمنة
والإدارة الإلكترونية، في غياب الشروط الموضوعية لضمان استمرارية الخدمة في كل الأوقات
والظروف، كأن يتعطل ما يسمى السيستام في مكاتب البريد أو البنوك، أو تقوم بعض الهيئات
بقطع الكهرباء عن سيرفيرات مواقعها في نهاية الأسبوع مخافة اختراقها، وغيرها من مظاهر
التخلف الملاحظة على الواجهات الرقمية لكثير من المؤسسات والوزارات.
أخيرا بداية "رقمنة " قطاع الضرائب
يبدوا أن هناك مسعى لرقمنة قطاع الضرائب في الجزائر، بدأت
تظهر ملامحه من خلال النشاط الحثيث للمديرية العامة للضرائب التي تلقت أوامر من رئاسة
الجمهورية للشروع فورا في نفض الغبار عن هذا القطاع الحساس جدا، وإدخال كل معطياته
في الشبكة من أجل ضبط وحوكمة تسييره.
المديرية إياها شرعت في تعميم استخدام نظام التسيير الجبائي (SGF)متأخرة بسنوات ضوئية
عن مثيلاتها في العالم، كما قامت بتعميم النظام المعلوماتي الجبائي "جبايتك" في كثير من الولايات بعد تجريب العملية في ولايات ومدن نموذجية،
كما شرعت أيضا في مسعى موازي لعقد اتفاقيات مع العديد من البنوك والمديرية العامة لأملاك
الدولة وهيئات أخرى لها علاقة بالقطاع، وقامت كذلك بفتح مسابقة لتوظيف 30 مهندسا في
الإعلام الآلي وهو عدد غير كاف تماما لآلاف المراكز المنتشرة عبر الوطن16.
هذه الخطوات تأتي استجابة لمطالبات كثيرة رفعها مختصون ومهتمون
بالاقتصاد من أجل الحد من الفساد الذي يعشش في هذا القطاع ويهدر أموالا طائلة بفعل
مختلف ظواهر الغش والتهرب، غير أن الطريقة التي تتم بها رقمنة هذا الجهاز تثير بعض
الإشكالات، على غرار غياب التكوين للكادر البشري الذي يشرف على نقل إرث كبير من السجلات
إلى الخوادم، بالإضافة إلى ثقافة المقاومة للتغيير التي لها ما يبررها باعتبار أن هذا
الكادر تلاحقه شبهة الانخراط في الفساد في مختلف المستويات، وليس من المستبعد أن يحاول
هؤلاء إفشال العملية، أو على الأقل تمييعها إذا غابت الرقابة الصارمة المزودة بمدونة
عقوبات قاسية. الأمر لا يتوقف عند أعوان هذا الجهاز، ويمتد بالتأكيد إلى قطاع التجارة
الذي تسيطر على أغلب نشاطه بارونات اشتكى منها حتى رئيس الجمهورية، والتي أفشلت كل
الإصلاحات التي أرادت الحكومة تنفيذها وعلى رأسها التعامل بالفاتورة، ومحاصرة السوق
السوداء.
بثت إحدى القنوات الخاصة مؤخرا روبورتاجا حول الارتفاع الفاحش
لأسعار المكيفات المنزلية، وفيه رافق مصور القناة مسؤولين من مديرية التجارة لولاية
وسط البلاد إلى محلات الأدوات الكهرومنزلية، أين دارت نقاشات وشجارات وتلاسن بين هؤلاء
المسؤولين والتجار، كان موضوعها الفواتير وسبب تضاعف أسعار هذه المكيفات في المحلات
رغم ثباتها لدى المصنعين وأغلبهم محليين.
وعلى ذكر الفاتورة، فقد عجزت الحكومة الجزائرية في فرضها
على التجار عدة مرات، والفاتورة أو سند الشراء جزئية بسيطة في السلوك التجاري والاستهلاكي
لا يمكن الاستغناء عنه أو تجاوزه، لأنها بمثابة عقد بين الشاري والبائع، وهي أيضا بمثابة
هوية للسلعة تضبط كميتها ونوعيتها ومواصفاتها وتاريخ تنفيذ المعاملة التجارية، إذ يفترض
ألا تكون هناك أي سلعة دون فاتورة، فمن أين تأتي هذه السلع إذن، وأين تذهب ولماذا يرضى
المستهلك باقتناء سلعة بدون فاتورة، ولماذا يرضى التاجر ببيعها دونها؟ واضح أن الأمر
يتعلق بالضرائب، خاصة الضريبة على القيمة المضافة TVA التي هي بمثابة حق الدولة والمجتمع في المعاملات التجارية والتي تدرج وجوبا
في الفاتورة، ويجري التصريح بها لدى الضرائب سنويا من طرف التجار.
هذه المشكلة غير مطروحة في أغلب دول العالم، لكنها في الجزائر
تحولت إلى سجال وصراع بين بارونات قطاع التجارة ومصالح الدولة التي عجزت في فرضها ولم
تتمكن من تنقية المعاملات التجارية من شوائب التهرب والتهريب والاحتكار والمضاربة،
ويبقى الأمل في الرقمنة وتطبيق "جبايتك" على الأقل للمساهمة في التقليل منها
ونشر ثقافة العمل في شفافية وحسب قواعد السوق، غير أن هذا الأمل يتطلب شفط المافيا
من قطاع التجارة وتكوين التجار وفرض الرقابة عليهم ليس من طرف مصالح الدولة فقط، وإنما
من طرف المستهلك أيضا والذي يجب عليه طلب فاتورة الشراء قبل استلام السلعة.
رقمنة سوق (السكوار ) للعملة الصعبة، هل ستتحقق؟
عندما نقرأ بيان وزارة المالية المنبثق عن اجتماع وزير القطاع
بالمدارء العامين للبنوك العمومية الذي عقد وهو الاجتماع الذي وصفه البيان بـ"رفيع
المستوى" لا يمكن تجنب الشعور بالسخرية والتهكم على وضع هذا القطاع في الجزائر،
خاصة وأنه كان مخصصا للوقوف على تنفيذ قرارات الجمعيات العامة للبنوك العمومية، فيما
يخص الأنظمة المعلوماتية وتنويع وسائل الدفع الالكتروني".
بيان الاجتماع الذي حضره كل الفاعلين في القطاع جاء مليء
كالعادة بلغة المطاط، من قبيل "تم معاينة التقدم الملحوظ" و"تعزيز القطاع
البنكي" و"تحسين خدمات الدفع" و"الجهود التي تبذلها البنوك"
و"تحسين الفعالية العملياتية وأمن البيانات، ومنح خدمات بنكية أكثر تطورا عبر
الانترنت". و"حث الوزير على "ضرورة مضاعفة الجهود
لمواكبة التكنولوجيات المبتكرة". والكثير الكثير من العبارات standard التي تصلح في كل وقت ولا تحمل أي مغزى ولا أي فعل حقيقي لرقمنة قطاع البنوك،
وهي اللغة ذاتها التي تلوكها ألسنة المسؤولين منذ الاستقلال وترددها وسائل الإعلام
في كل مرة.
في الواقع لا يمكن معرفة واقع الدفع الإلكتروني والرقمنة
في قطاع البنوك، إلا من خلال الطوابير الطويلة الدائمة أمام أبواب مكاتب بريد الجزائر
لسحب الأوراق النقدية البالية شكلا ومضمونا، ومن خلال الكتلة النقدية المتداولة خارج
القطاع المصرفي والتي تخجل الحكومة عن إعلان حجمها الحقيقي، وكذلك عن ثقافة التسوق
عبر الانترنت داخليا وخارجيا وباستخدام بطاقات الدفع وبطاقات القرض التي تعتبر الجزائر
من أكثر الدول تخلفا فيها.
من المفيد التذكير بأن الحديث عن الخطط والاستراتيجيات وتنفيذ
القوانين والصرامة وغيرها من الإجراءات الحكومية الروتينية التي تملأ يوميات البيروقراطيين
في اجتماعاتهم ومراسلاتهم، لا تصح في مجموعها في بيئة منقسمة على نفسها فيما يخص تداول
العملة الصعبة بين طرفين رسمي وآخر غير رسمي، هذه الأخيرة لا تحكمها قوانين النقد والصرف،
بل لها قوانينها وطقوسها وتشتغل في أريحية تامة وفي سلم وتعايش مع البيئة الثانية وكأن
شيئا لا يحدث.
نتحدث عن البنوك الموازية المنصبة في الساحات العمومية والتي
يعرف مكانها كل الناس ماعدا الهيئات المكلفة بمحاربتها باعتبارها بؤرة لإذلال هيبة
الدولة وسلبها سيادتها المالية، وباعتبارها تنتحل صفة البنك المركزي وبورصة القيم،
أين يتم تداول العملات الأجنبية وتحديد سعر صرفها من طرف أشخاص طبيعيين منضوين ضمن
شبكات وطنية ودولية لتبييض الأموال والاتجار بالعملات خارج الأطر الرسمية للدولة.
جدير بالذكر فإن (عجز) الدولة عن محاربة هذه الظاهرة وربما
عدم رغبتها في فعل ذلك، ولد انتقادات واسعة من طرف المهتمين، ما حملها على سن قانون
خاص بمكاتب الصرف الخاصة للعملة كما هو معمول به في كل دول العالم، وهو القانون الذي
لم يتم تفعيله لحد الآن رغم وعود وزير المالية أمام البرلمان. وفي انتظار ذلك ما يزال
بنك (السكوار) يطور من أدواته ويتحكم في سعر صرف العملة الصعبة مستفيدا من هوامش تصل
إلى ثلث القيمة التي يحددها البنك المركزي، بل إنه فتح مواقع على الانترنت وصفحات على
شبكات التواصل الاجتماعي يتم تحديثها لحظيا متفوقا في ذلك على الخدمات التي تقدمها
الهيئات الرسمية.
خاتمة:
بعد تأخر دام عقودا من الزمن
شرعت الجزائر مع بداية العشرية الحالية في مسار محفوف بكثير من العوائق رغم ما يوفره من فرص من أجل رقمنة
الشأن العام وإحداث تحول رقمي في هياكل الإدارة والاقتصاد، إلا أنها تواجه تحديات
متعددة حاولنا تبيان بعضها في هذه الورقة ومن بينها ضعف التحتية للاتصالات
والانترنت، والافتقار إلى المهارات الرقمية، وضعف أو انعدام مشاركة القطاع الخاص،
ويمكن تقسيم العوامل المساهمة في ذلك إلى عوامل داخلية وأخرى خارجية:
من بين العوامل الداخلية
المساهمة في إحداث وتصويب مسار التحول الرقمي، الدعم الحكومي المطلق، والذي ظهر في
مجالس الوزارة بإصرار من رئيس الدولة نفسه الذي أظهر التزاما واهتماما قويا بهذا
المجال من خلال إطلاق استراتيجية الجزائر الرقمية 2025. كما يلعب
الوعي العام بأهمية التحول الرقمي دورًا هامًا في إنجاحه من أجل التخفيف من آثار
ثقافة مقاومة التغيير ويتم ذلك من خلال إشراك المجتمع المدني، ومؤسسات التنشئة
السياسية والاجتماعية في نشر ثقافة رقمية تُشجع على استخدام التكنولوجيا الرقمية
في مختلف مجالات الحيا، وهذا الأمر لم يتم رصده في الحالة الجزائرية، حيث بقيت
الحكومة لوحدها في الميدان ولم تظهر أدوار بقية الفواعل في دعم هذا المسار. وهذا ما خلق
فجوة في العمل الحكومي الذي يفتقد إلى المهارات الرقمية في غياب ثقافة التكوين
والرسكلة للكوادر البشرية وإطلاق المجال للإبداع من خلال المؤسسات الناشئة التي
كثر الحديث عنها دون أن يظهر دورها في دعم مسار الرقمنة، وينطبق هذا الحكم على المؤسسات
التعليمية والثقافية ودور العبادة وغيرها.
إن هذا المسار الذي يحتاج إلى
تكاتف جهود كل الفاعلين في الساحة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، يشهد مقاومة
معتبرة في أغلب القطاعات، وتحاول السلطات القضاء على هذه المقاومة باستخدام ما
تملكه من قوة رمزية، متناسية الحلول المرنة التي تعبئ كل الطاقات المادية والمالية
والبشرية المتوفرة، ولذلك يعد الانخراط فيه منذ البداية خضوعا للإكراهات
التكنولوجية العالمية، في غياب أي مؤشرات على وجود تعاون دولي مع الجزائر لنقل
التكنولوجيا الحديثة وتوطينها، لا سيما في الجوانب الأمنية التي تعد هاجسا حقيقا
للسلطات الجزائرية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-
nash tech, A step-by-step guide to digital transformation, Global Technology
Consulting Services | NashTech (nashtechglobal.com) visited on 22january 2024.
-2Olaf Dörner & Stefan Rundel, Organizational Learning and Digital
Transformation: A Theoretical Framework, in fenthaler, D., Hofhues, S.,
Egloffstein, M., Helbig, C. (Eds) Digital Transformation of Learning
Organizations. Springer, Cham. Switzerland, 2021, pp 61-75.
-3 Thomas, M Seibel digital transformation, survive and
thrive in an era of mass extinction, New York, 2019, pp 35-36.
4- موقع
الإذاعة الجزائرية، الرئيس تبون يأمر بتسريع الرقمنة لإحصاء الثروة و تفادي ضرائب
تقتصر على صغار الموظفين، https://shorturl.at/crLN8 تاريخ التصفح: 12/01/ 2024.
5- digital 2024 Algeria, https://datareportal.com/reports/digital-2024-algeria?rq=algeria seen on 22/02/2024.
6- ibid.
7- Karim Yaici, Fixed Internet
Speeds are Improving in North Africa, and Fiber Could Boost Them Even Further,
seen in https://shorturl.at/mJRS9 on 23/02/2024.
8- Ibid.
9- aps. Internet très haut débit : un (1) million
d'abonnés au FTTH à novembre 2023, https://tinyurl.com/bdfvz5bf; seen on 16/02/2024.
10-without writer, Ranking mobile and fixed
broadband speeds from around the world on a monthly basis. https://www.speedtest.net/global-index/algeria, seen on 12-02-2024.
11- ibid.
12- الزيرو
هي خدمة أطلقتها العديد من شركات الاتصالات العالمية لفائدة زبائنها الذين يمكنهم
تصفح موقع فيسبوك بالمجان، لكن دون ظهور الصور والفيديوهات فيه، وتقوم هذه الخدمة
على تخلي تلك الشركات عن رسوم استخدام الانترنت عبر تطبيقة الفيسبوك على الهواتف
المحمولة، وقد نالت هذه الخدمة إعجاب قطاعات واسعة من مدمني هذا الموقع.
13- واج، ارتفاع السعة المجهزة للشبكة الدولية للاتصالات بالجزائر
إلى 8ر9 تيرابيت في الثانية، https://www.aps.dz/ar/sante-science-technologie/156034-8-9، تاريخ التصفح02-03-.2024
14- K.
Schwertner, Digital transformation of business, Trakia Journal of Sciences,
Vol. 15, Suppl. 1, pp 388-393, 2017, p 389.
15 – Paypal site, Who We Are?, https://about.pypl.com/who-we-are/history-and-facts/default.aspx, seen on 15-02-2024.
16- الإعلان عن قائمة المترشحين في مسابقة المديرية العامة
للضرائب مهندس دولة في الإعلام الآلي، https://shorturl.at/kHQU8 تم التصفح في 12-02-2024.